أسرار مقابلات العمل مالم يخبرك به أحد
أسرار مقابلات العمل مالم يخبرك به أحد

في عالم البحث عن وظيفة، تعتبر مقابلات العمل من أكثر المراحل توتراً وأهمية في مسيرة أي شخص المهنية. هناك العديد من الأسرار والخفايا التي لا يعرفها معظم المتقدمين للوظائف، والتي يمكن أن تكون الفارق بين النجاح والإخفاق في الحصول على الوظيفة المرغوبة.
في هذا المقال، سأشارككم خلاصة تجربتي الشخصية في أكثر من مائة مقابلة عمل، كنت في معظمها المتقدم للوظيفة، وفي بعضها كنت أنا من يجري المقابلة لتعيين محاسبين في الشركات التي عملت بها. هذه التجربة المزدوجة منحتني رؤية فريدة من نوعها حول ما يدور في غرف المقابلات من الجانبين.
هدفي هو مشاركة هذه الخبرات معكم لتستفيدوا منها وتتجنبوا الأخطاء التي وقعت فيها، ولتكتسبوا المهارات والمعرفة التي ستساعدكم على التفوق في مقابلاتكم القادمة. فلنبدأ باكتشاف أسرار مقابلات العمل التي لم يخبرك بها أحد من قبل.
١ السر الأول: الثقة بالنفس هي مفتاح النجاح
لا زلت أذكر بداياتي في التقدم للوظائف، حيث كنت غالباً ما أتردد في الذهاب للمقابلات معتقداً أنها مضيعة للوقت، وأن هناك العشرات بل ربما الآلاف ممن هم أفضل مني. هذا الشعور الذي يراود الكثيرين منا ليس سوى نتيجة لعدم الثقة بالنفس.
كم مرة ذهبت إلى مقابلة عمل، ورأيت الأعداد الكبيرة من المتقدمين، وسألت نفسك: "هل سيختارونني؟ هل ستكون الوظيفة من نصيبي؟" كنت أنظر إلى الآخرين على أنهم أكثر كفاءة وعلماً، وبالتأكيد أكثر استحقاقاً للوظيفة مني.
لكن مع مرور الوقت، وبعد الاستماع إلى أحاديث زملائي المتقدمين، بدأت أدرك حقيقة مذهلة: كثير ممن كنت أعتقد أنهم أكثر براعة مني لا يعرفون حتى أساسيات المجال! كنت أحكم على الآخرين من مظهرهم وملابسهم، معتقداً أن أكثرهم أناقة هم أكثرهم معرفة.
تدريجياً، تلاشى هذا الانبهار بالآخرين، واكتسبت الثقة بنفسي بعد إجراء العديد من المقابلات والتعلم منها. كنت بعد كل مقابلة أخرج ورقة وقلماً وأدوّن الأسئلة التي وُجهت إلي، وأبحث عن إجاباتها الصحيحة. كنت أعيد تخيل المقابلة، وأحلل النقاط التي أجدت فيها والنقاط التي أخفقت فيها.
اليوم، عندما أذهب إلى أي مقابلة عمل، أخبر نفسي بأنني الأفضل وأنني أستحق هذه الوظيفة. الثقة بالنفس هي حقاً أولى خطوات النجاح في أي مقابلة عمل.
٢ السر الثاني: معايير اختيار الموظفين ليست ثابتة
كثيراً ما أتلقى رسائل تسأل: "ما هي معايير اختيار الموظف لوظيفة ما؟" أو "ما هي الأسس التي يتم على أساسها اختيار المرشح المناسب؟"
الحقيقة التي اكتشفتها من خلال خبرتي في مجال مقابلات العمل، سواء كمتقدم أو كمقابِل، هي أنه لا يوجد معيار ثابت لاختيار الموظفين. فبعض الشركات تفضل أن يكون الموظف يسكن بالقرب منها لتجنب إرهاق المواصلات، بينما تفضل شركات أخرى أن يكون الموظف مغترباً، خاصة في حالة العمل في مواقع بعيدة كشركات المقاولات أو البترول.
كذلك، بعض الشركات تبحث عن موظفين ذوي خبرة ليكونوا إضافة فورية لها، بينما تفضل شركات أخرى توظيف حديثي التخرج لتقوم بتدريبهم وفق أنظمتها الخاصة، مع العلم أن رواتب هذه الفئة تكون عادة أقل.
هذا التنوع في المعايير يعني أنه لا يوجد نموذج واحد "مثالي" للمتقدم للوظيفة، وأن عدم اختيارك لوظيفة معينة لا يعني بالضرورة أنك غير كفء، بل قد يعني ببساطة أنك لا تتناسب مع معايير تلك الشركة المحددة.
٣ السر الثالث: من يقابلك ليس بالضرورة أكثر كفاءة منك
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها المتقدمون للوظائف هو الاعتقاد بأن الشخص الذي يجري المقابلة معهم هو بالضرورة خبير في المجال أو أكثر كفاءة منهم. هذا ليس صحيحاً دائماً.
فمن يقوم بمقابلة العمل قد يكون موظف شؤون العاملين الذي ليس لديه الدراية الكافية بتفاصيل الوظيفة، وإنما يقوم بتصفية المتقدمين وفق معايير محددة مسبقاً كالراتب أو سنوات الخبرة.
وقد يكون الشخص الذي يجري المقابلة من نفس القسم الذي ستعمل فيه، وهنا يكون تركيزه على الجوانب الفنية للوظيفة. لكن لاحظ أنه ليس بالضرورة أن كل ما يسألك عنه مطلوب منك معرفته، فأحياناً يطرح المقابِل أسئلة لا يعرف هو نفسه إجابتها، فقط لإظهار نفسه بمظهر الخبير!
وفي بعض الأحيان، يكون من يجري المقابلة هو صاحب الشركة أو مديرها، وهنا يكون تركيزه على السمات الشخصية كالأمانة واللباقة أو مهارات معينة يراها ضرورية.
٤ السر الرابع: تعلم من المقابلة واكتسب خبرة
كثير من الباحثين عن وظيفة يذهبون إلى مقابلات العمل بهدف واحد فقط: الحصول على الوظيفة. لكن ماذا لو أخبرتك أن هناك هدفاً آخر قيماً يمكنك تحقيقه من كل مقابلة، حتى لو لم تحصل على الوظيفة؟ إنه التعلم واكتساب الخبرة.
يمكنك أن تذهب إلى مقابلة العمل لتتعرف على نقاط ضعفك، ولتكتشف الأسئلة الشائعة في مجالك وكيفية الإجابة عليها بشكل صحيح. كل مقابلة هي فرصة لتقييم نفسك ومعرفة مدى استعدادك للمنافسة في سوق العمل.
لذلك، حتى إذا لم تحصل على الوظيفة، لا تعتبر المقابلة فشلاً، بل اعتبرها خطوة تعليمية في مسيرتك المهنية.
٥ السر الخامس: من يملك القرار في تعيينك
سؤال مهم يغفل عنه الكثيرون: من يملك قرار تعيينك في الشركة؟ هل هو الشخص الذي يجري المقابلة معك؟
في الواقع، من يقوم بإجراء المقابلة قد لا يكون من مهامه اختيار الموظف النهائي، بل تنقية المتقدمين واختيار أفضلهم للمرحلة التالية من المقابلات. قليلة جداً هي المقابلات التي تكون من مرة واحدة فقط، ومسؤولية اختيار الموظف نادراً ما تقع على عاتق شخص واحد.
غالباً ما تكون هناك مقابلة أولية مع موظف الموارد البشرية، تليها مقابلة مع مدير القسم المعني، وأحياناً مقابلة ثالثة مع الإدارة العليا. لذلك، من المهم أن تفهم دور كل شخص تقابله في عملية التوظيف، وأن تعدل أسلوبك وإجاباتك وفقاً لذلك.
الخلاصة
في ختام حديثنا عن أسرار مقابلات العمل، يمكننا القول إن النجاح في المقابلة الشخصية ليس مجرد مسألة حظ أو مهارات فنية فحسب، بل هو مزيج من الثقة بالنفس، والفهم العميق لديناميكيات عملية التوظيف، والقدرة على التعلم المستمر من كل تجربة.
الأسرار الخمسة التي استعرضناها - أهمية الثقة بالنفس، تنوع معايير الاختيار، فهم دور الشخص المقابل، التعلم من كل مقابلة، ومعرفة من يملك قرار التعيين - تشكل معاً خارطة طريق قيمة لكل باحث عن وظيفة.
تذكر دائماً أن عدم اختيارك لوظيفة معينة لا يعني أنك غير كفء، بل قد يعني ببساطة أنك لم تكن الشخص المناسب لتلك الوظيفة المحددة في ذلك الوقت. كل مقابلة، ناجحة كانت أم لا، هي فرصة للتعلم والنمو وتطوير مهاراتك.
استثمر في تطوير نفسك باستمرار، وتعلم من تجاربك السابقة، وحافظ على ثقتك بنفسك وبقدراتك. مع الوقت والممارسة، ستصبح مقابلات العمل أقل توتراً وأكثر نجاحاً، وستجد في النهاية الوظيفة التي تناسب مهاراتك وطموحاتك.
أضف تعليقاً: